Loader
منذ 3 سنوات

حكم عدم إنفاق الرجل على زوجته طاعة لوالديه


الفتوى رقم (835) من المرسل ن.و.أ.ف من العراق، يقول: أنا متزوج، وزوجتي تطلب مني الفلوس، وتقول لي إنها مريضة، وتطلب أن أشتري لها ملابس، ومنذ تزوجتها قبل ثلاث سنوات وإلى الآن، لم أنفذ أي شيء، ولم أذهب بها إلى الطبيب، ولم اشترِ لها ملابس، ولم أعطها فلساً بسبب عدم رضا والدي؛ لأن عندها ملابس قديمة، وأنها كاذبة غير مريضة، فهل علي ذنب في ذلك أم على والدي الذنب؟

الجواب:

أولاً: كسوة زوجتك والنفقة عليها من الأمور الواجبة عليك، ولكن لا يجب عليك من النفقة والكسوة إلا ما كان من باب المعروف، ومعنى ذلك: أنه يراعى حالك من جهة الغنى، أو الفقر، أو توسط الحال، ولهذا قال الله:"وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"[1]، وقال الرسول ﷺ للمرأة التي جاءت تستفتيه عن الأخذ من مال زوجها، وهو لا يدري، قال « خذي ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف »[2].

 ثانياً: والدك ليست له علاقة بينك وبين زوجتك، من جهة أنه يملك أن يمنعك عن أداء الحقوق الواجبة لها عليك، وإذا أطعته، ومنعت الحقوق الواجبة لها عليك، فتكون أنت عاصياً لله؛ لأنك خالفت أمر الله، وأطعت أمر والدك، ويكون والدك متعدياً عليك، ومتعدياً على حقوق زوجتك، وقد ثبت عن الرسول ﷺ أنه قال: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ».

ثالثاً: أن العلاج ليس واجباً عليك أن تعالج زوجتك، ولكن باب الإحسان واسع، والله جل وعلا قال:"وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[3]، ودرجات الناس بالنسبة لعلاقة بعضهم ببعض تكون مختلفة من ناحية القرب والبعد، ومن جهة القوة والضعف، ومن المعلوم أن كل ما كانت الدرجة أقرب إلى الشخص، فينبغي أن يضاعف الإحسان إلى هذا الشخص إذا كان في حاجة إليه، ومن أقرب الناس إلى الإنسان زوجته.

 وبهذا يعلم أن الكسوة والنفقة لا يجب عليك منها إلا على حسب حالك من غنى، وتوسط حال، وما كان أدنى من التوسط، وأنه لا يجوز لك أن توافق والدك على منعها عن حقها الواجب عليك، وإذا وافقته تكون آثماً، وهو بهذا يكون عاصياً لله، وإن علاجك لها يكون من باب الإحسان إليها، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (233) من سورة البقرة

[2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النفقات، باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف(7/65)، رقم(5364).

[3] من الآية (195) من سورة البقرة.