حكم صلاة من ينتقل من مذهب إلى مذهب آخر
- التقليد
- 2022-05-02
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (343) من المرسل السابق، يقول: ما حكم الذي ينتقل من مذهبه إلى مذهب آخر من المذاهب الأربعة؟ وهل صلاته صحيحة؟
الجواب:
الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي والإمام أحمد هم أئمة مجتهدون، والمجتهد إما مصيب باجتهاده وإما مخطئ، فإذا كان مصيباً فله أجران أجر اجتهاده وأجر إصابته، وإذا كان مخطئاً فله أجر اجتهاده، وخطؤه معفو عنه.
وقد اتفقوا جميعاً على أنه إذا صح الحديث فهو مذهبهم، فهم في الحقيقة متبعون لكتاب الله ولسنة رسوله، وهم آخذون بفقه من سبقهم من الصحابة والتابعين ومن أتباع التابعين، وليس كل واحد منهم مؤسساً لمذهب خارج عن الكتاب والسنة.
وبناء على هذا فالشخص الذي يقتدي بواحد من هؤلاء الأئمة فهو إما أن يكون قادرا على أخذ الحكم بدليله من الكتاب والسنة، وإما أن يكون عاجزاً.
فإذا كانت عنده القدرة بأخذ الحكم بدليله من الكتاب ومن السنة ويعرف مواضع الإجماع ومواضع الاختلاف، فحينها الحق ضالة المؤمن يلتقطها أنى وجدها، فحيث وجد الحق في أي مذهب من هذه المذاهب، فيأخذ به.
أما إذا كان عاجزًا عن أخذ الحكم بدليله، فهذا بإمكانه أن يسأل من يثق به من أهل العلم، أما القول بأن الشخص يعتنق مذهباً من المذاهب، ويأخذ ببعض المسائل التي وجدت أدلة تخالفها، فحينها لا يجوز للشخص أن يأخذ بكل ما جاء في المذهب من صحيح ومن باطل.
وإنما قلت ذلك؛ لأن أقوال العلماء التي يقولونها هي أقوال إضافية؛ أي مضافة إلى أولئك الأشخاص في وقتهم، وبحسب استعدادهم الفطري والعلمي، وما أمكنهم الاطلاع عليه، فقد يقول القائل منهم قولاً في مسألة، وبعد مدة من الزمان يظهر له دليل لم يكن عالماً به فيما سبق، فيرجع في قوله في تلك المسألة إلى قول آخر؛ أي القول الذي دل عليه الدليل.
وعلى هذا الأساس تكون العبرة بقوله الأخير الذي دل عليه الدليل لا بقوله الأول.
ومن المعلوم أن الأدلة منها ما يكون عاماً ويأتي له مخصص، أو يكون مطلقاً ويأتي له مقيد، أو يكون ظاهراً ويأتي له ما يدل على تأويله، فيأخذ العالم بعمومه أو بإطلاقه أو بظاهره في مدة من الزمان، ثم بعد ذلك يجد المخصص أو المقيد أو الدليل الذي يدل على صرفه عن ظاهره إلى تأويله ويأخذ به، ويكون بهذا قد رجع عن قوله الأول إلى قول ثانٍ، وتكون العبرة بقوله الثاني لا بقوله الأول.
فالحاصل من هذا الكلام كله هو: أن الشخص إذا كان مستقلاً بأخذ الأحكام، فإنه يأخذها بدليلها من الكتاب ومن السنة، ولا بد أن يكون عالماً بالأدوات التي تساعده على فهم ذلك، ويكون عارفاً بمواضع الإجماع ومواضع الاختلاف.
وإذا كان لا يستطيع ذلك، فإنه يسأل من يثق به من أهل العلم، أما كون الإنسان يعتنق مذهباً من المذاهب، ويأخذ كل ما جاء فيه دون بصيرة، فهذا لا ينبغي للشخص، ولكن عليه أن يسأل إذا كان لا يستطيع أخذ الحكم بدليله، قال تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[1]، وبالله التوفيق.