Loader
منذ 3 سنوات

معنى حديث: « آخر الزمان تنقسم أمتى ثلاث وسبعون فرقة » ومن هي الفرقة الناجية


  • الفِرق
  • 2021-06-19
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (356) من المرسل ع.أ من السودان، يقول: إن الرسول قال في حديث ما معناه: «آخر الزمان تنقسم أمتي إلى ثلاث وسبعين طائفة، اثنتان وسبعون منها في النار، وواحدة -فقط- في الجنة » هل هذا الحديث صحيح؟ وهل الطوائف مثل: أنصار السنة، الإخوان المسلمين، الصوفية، الشيعة وغيرهم، هل هي الطوائف المقصودة في هذا الحديث أم لا؟ ومن الطائفة الناجية؟ وما أحسن طائفة لكي أتبعها؟

الجواب:

هذا الكلام الذي ذكره السائل له أصل، وأصله قول النبي : «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة؛ كلها في النار إلا واحدة «فسئل الرسول من هي؟ فقال: «من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ».

ويقول في حديث آخر « خير الناس قرني، ثم الذين ثم الذين، يلونهم ثم الذين يلونهم » قال الراوي: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة.

ففي هذين الحديثين بيان الفرقة الناجية والفرقة المنصورة، وهذه الفرقة هي المتمسكة بكتاب الله وسنة رسوله، فقد قال : «تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي »[1].

 فمن تمسّك بكتاب الله وسنة رسوله على الوجه الصحيح، فهذا داخل في الطائفة الناجية والطائفة المنصورة.

 أما الطوائف الأخرى -غير الطائفة الناجية والمنصورة - فهذه الطوائف منحرفة عن دين الإسلام، ووجوه الانحراف عندها مختلفة؛ ولكن الرسول حكم عليها كلها بأنها في النار.

ومما يحسن التنبيه عليه -هنا- مما يزيد الأمر وضوحاً هو أن الناس إذا عُرِضت أعمالهم وأقوالهم على الإسلام فإنهم ينقسمون إلى أقسام:

 القسم الأول: المشركون الشرك الأكبر، والكفار كفراً أكبر، والمنافقون نفاقاً أكبر.

فمن مات على النفاق الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو الكفر الأكبر؛ فهو خالد مخلّد في النار.

وأما من تاب قبل الموت، ولو كان مشرك شركاً أكبر، أو كفراً أكبر، أو نفاقاً أكبر؛ فإن الله يقول: "يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا"[2]، وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين.

والقسم الثاني: من يكون عنده نفاق أصغر، أو كفر أصغر، أو شرك أصغر.

فإذا كان عنده كذلك فإذا مات على نفاقه الأصغر أو كفره الأصغر يكون تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء أدخله النار، وطهّره وأخرجه منها.

القسم الثالث: أن يكون عنده شرك أصغر، والشرك الأصغر لا يدخل تحت المغفرة، لعموم قول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ"[3]؛ ولكن المشرك شركاً أصغر قد يؤخذ من حسناته مقابل شركه، فتنزل درجته في الجنة بسبب شركه الأصغر، ولا يدخل النار، وقد يدخله الله النار ويطهّره ويخرجه منها.

القسم الرابع: أن يكون الشخص يرتكب صغائر الذنوب، وإذا ارتكب صغائر الذنوب تكون له حالتان:

الحالة الأولى: يصرّ على الصغيرة، وإذا أصرّ على الصغيرة فإنها تكون كبيرة بالإصرار عليها، وعلى هذا الأساس يكون داخلاً في القسم الثاني. وإذا لم يكن عنده إصرار على الصغيرة، فإن الصغائر تكفّرها الأعمال الصالحة، كما قال النبي : «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، والحج إلى الحج، ورمضان إلى رمضان -إلى آخر الحديث- مكفّرات لما بينها إذا اجتنبت الكبائر ».

وهذا الحديث متصل بقوله تعالى: "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا"[4].

ففي هذا التنبيه بيان لأحوال الناس في عصرنا هذا. وبإمكان السائل أن يعرض أي شخص من الأشخاص فإنه لن يخرج عن قسم من هذه الأقسام؛ يعني: قد يكون خارجاً عن الإسلام، وقد يكون مشركاً شركاً أصغر، وقد يكون مرتكباً لكبائر الذنوب التي دون الشرك، وقد يكون مرتكباً لصغائر الذنوب. وإذا كان مرتكباً للصغائر فقد يكون مُصرّاً على الصغيرة، وقد لا يكون مُصرّاً.

وكل قسم من هذه الأقسام تقدّم حكمه. أما ما ذكره السائل من جهة أنه يريد أن ينبّه على طائفة معينة من أجل أن يتمسّك بطريقتها؛ فأوصيه أن يتمسك بكتاب الله وبسنة رسوله، وأن يسأل من يثق به من أهل العلم عما أشكل عليه. وبالله التوفيق.



[1] ذكره مالك في الموطأ بلاغاً، باب النهي عن القول بالقدر(2/899)، رقم(3)، والحاكم في مستدركه (1/172)، رقم(319)، والبيهقي في السنن الكبرى(10/194)، رقم (20336).

[2] من الآية ( 53) من سورة الزمر.

[3] من الآية (48) من سورة النساء.

[4] الآية (31) من سورة النساء.