Loader
منذ سنتين

حكم بيع البضاعة بثلاثة أضعاف ثمنها


الفتوى رقم (3173) من المرسل ط من العراق، يقول: بعض الناس يبيعون ثمن الحاجة بثلاثة أضعاف ثمنها الأصلي أو أكثر، فهل هذا جائز؟، وإن كان غير جائز فهل يعتبر هذا من الربا؟ أرجو توضيح السنة الجائزة في الربح عند البيع مفصلاً، ولكم من الله الجزاء.

الجواب:

الشخص إذا كانت عنده سلعةٌ فعرضها للبيع، وطلب ثمناً معيناً في هذه السلعة، وكانت النسبة بين ثمن شرائه وثمن بيعه تساوي ثمن الشراء، أو تزيد على ذلك؛ فإنه لا يمكن أن يُحدد ربحٌ معينٌ يُقال للشخص: لا يجوز لك أن تتجاوز هذا المقدار؛ لأنه لم يأتِ تحديدٌ من الشارع في ذلك.

وبناءً على ذلك فإن كلّ سلعةٍ يريد الشخص بيعها ويريد ربحاً فيها، فإن مقدار الربح الذي يقبضه يختلف باختلاف بقاء السلعة عنده زمناً طويلاً، أو ندرة هذه السلعة؛ بمعنى: إنها نادرةٌ في السوق، وحصل لها طلب، فهذا لا مانع من أن يطلب ربحاً يغطي تعطيل قيمتها مدةً من الزمن؛ وكذلك إذا كانت نادرة وكثر الطلب عليها، فلا مانع من أن يطلب ربحاً؛ ولكن لا ينبغي أن يستغل الفرصة.

ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام: هو أن كثيراً من البائعين؛ سواءٌ كان البائع أصلياً، أو أنه هو صاحب المحل، أو كان البائع نائباً عنه، وهم الذين يشتغلون في محلات عرض البيع والشراء، يشتغلون عند غيره، فقد يستغلون الفرص من جهة ما إذا جاء طفلٌ يريد سلعةً ولا يستطيع أن يتكلم مع صاحب المحل، إلا أنه يسأل عن مقدار قيمتها -فقط-، فحينئذٍ يستغل صاحب المحل هذه الفرصة، ويطلب منه ثمناً باهظاً ويأخذه منه.

وكذلك تأتي امرأة ولا تحسن أنها تماكس، ويزيد عليها زيادةً باهظة في القيمة، أو يأتي شخصٌ غريبٌ لا يعرف قيمة السلعة، ويعطيه ثمناً؛ يعني: يعطيه ثمناً باهظاً، ويأخذ ربحاً كثيراً؛ أي: إنه يغرر به.

والطريقة السليمة أن الشخص يجعل له نسبةً معقولةً من الربح؛ كأن يأخذ في عشرة الريالات ريالاً، أو يأخذ ريالين على حسب قيمة السلعة، وعلى حسب كثرة الطلب وقلّته. ولا يستغل الفرص في ذلك؛ لأن الشخص عندما يغرر بالطفل، أو بالمرأة، أو بالشخص الغريب؛ يكون هذا من باب الغش.

ومن هذا الباب -أيضاً- ما يفعله كثيرٌ من الذين يشتغلون عند غيرهم، فصاحب المحل يحدد له سعراً معيناً للسلع، يقول له: هذه السلعة تبيعها بعشرة، فيأتي إليه زبون ويطلبها منه، ويفرضها عليه بخمسة عشر ريالاً، يأخذ خمسة ريالات في جيبه، ويعطي صاحب المحل عشرة ريالات. ولا يعلم صاحب المحل عن هذا التصرف.

وبعض الأشخاص الذين يشتغلون في هذه المحلات يكون عندهم ذكاء، فيطبع أوراقاً باسم صاحب المحل، وتكون على نوعين:

النوع الأول: يكون لصاحب المحل، ويكتب فيه أنه باع هذه السلعة بعشرة ريالات.

والنوع الثاني: يكتبه للشخص الذي جاء واشترى منه، إذا كان قد طلب منه ورقة، فيعطيه ورقة على أنه باع عليه هذه السلعة بخمسة عشر ريالاً. لأن هذا الشخص الذي جاء يشتري السلعة، قد يكون اشتراها لنفسه، وقد يكون اشتراها لغيره. وقد يكون اشتراها لمؤسسة من المؤسسات؛ يعني: قد يكون اشتراها لشخص عيني، وقد يكون اشتراها لشخصٍ اعتباري. وذلك من أجل أن يقدم هذه الأوراق حتى يحاسب عليها الجهة التي أوصلت إليه السلعة.

وعمل هذا الوكيل الذي في المحل لا شك أنه عملٌ محرّمٌ، وأن هذا الكسب الذي أخذه لا يجوز له، وهذه الخمسة التي أخذها في العشرة هي زيادةٌ في الربح بالنظر إلى قيمة السلعة من جهة صاحب المحل؛ لكنه أخذها بغير حقٍ، فهو لم يأخذها من صاحب المحل ولكن أخذها لنفسه، ومع الأسف أن هذا كثيرٌ جداً، وأن كثيراً من أصحاب المحلات الذين يجعلون مستأجرين في محلاتهم لا يعلمون عن هذه التصرفات، فعلى كلّ شخصٍ وضع شخصاً في محله أن يتنبه إلى سير العمل، وإلى دقته، وإلى إتقانه، وإلى أمانة الشخص الذي يشتغل في هذا المحل، حتى لا يكون المشتري هو الضحية. وبالله التوفيق.