Loader
منذ سنتين

معنى حديث: « نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ». وهل الحسرة والندامة في الدنيا أم في الدنيا والآخرة؟


الفتوى رقم (10152) من مرسل ع. س من أوثال يقول: قول النبي ﷺ: « نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ». ما المقصود بهذا الحديث؟ وهل الحسرة والندامة في الدنيا أم في الدنيا والآخرة؟ وهل الحديث يحث على كسب الوقت والصحة بالأعمال الصالحة؟ وما نصيحتكم للشباب اليوم؟

الجواب:

        هذا الحديث جاء حديثٌ أوسع منه، ويعتبر ما ذكر في هذا الحديث جزء من ذلك الحديث، وهو قوله ﷺ: « اغتنم خمساً قبل خمسٍ: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل مرضك، وحياتك قبل موتك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك ».

        وهذه الصفات الخمس وهي: الشباب، والصحة، والحياة، والفراغ، والغنى؛ هذه كلها نعم من نعم الله -جل وعلا-، ويغبن فيها الشخص المتصف بها، فالإنسان إذا كان هرماً يغبط الشاب، والمريض يغبط الصحيح، والفقير يغبط الغني، والمشغول يغبط الفارغ وهكذا.

        وبناءً على ذلك فإن من وجدت فيه نعمة من هذه النعم فعليه أن يستغلها. واستغلالها يكون في نفعٍ قاصر وفي نفعٍ متعدٍّ، فالنفع القاصر يكون بالنسبة للشخص يقوم بالفرائض التي كتبها الله عليه، ويقوم بتوابعها، ويضيف إلى ذلك القيام بالأمور المسنونة؛ مثل: كثرة تلاوة القرآن، وكثرة صلاة التطوع، وصيام التطوع، والصدقة من المال بقدر الاستطاعة، والحج والعمرة. والصدقة تكون صدقة واجبة عليه، أو تكون على سبيل التطوع. وعندما يمتد نفعه إلى الناس الآخرين فيعينهم على حوائجهم فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لخلقه، وبإمكانه أن ينفعهم بالأقوال، وينفعهم بالأفعال، وينفعهم بالمال؛ وهكذا إذا كان قد تولى عملاً من أعمال المسلمين وهو متصف بصفةٍ من هذه الصفات التي تؤهله بأن يقوم بهذا العمل على أكمل وجهٍ فإنها قد تتغير حاله، ويكون قد عمل فيما سبق؛ ولكنه مقصرٌ في عمله فإنه يندم على ذلك. والندامة تكون في الدنيا وتكون في الآخرة، ولهذا جاء في الحديث: « ما منكم من أحدٍ يوم القيامة إلا ويندم »، يندم لماذا لم يكثر من الحسنات. والمسيء يندم على ما قدم من إساءة، ولهذا قال -جل وعلا-: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}[1]؛ لأن الناس إذا جاء يوم القيامة ظهرت لهم أعمالهم، ورأى بعضهم أعمال بعضٍ، ورأى التفاضل الذي بينهم بالنسبة للذين يعملون الأعمال الحسنة، ورأى التفاوت بين من كان يعمل حسنات وسيئات، ورأى التفاوت بين أصحاب السيئات؛ فحينئذٍ على الإنسان أن يأخذ لنفسه في حال شبابه، في حال صحته، في حال فراغه قبل شغله،في حال غناه قبل فقره، في حال حياته قبل موته؛ لأنه إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: علمٌ ينتفع به، صدقةٌ جارية، ولدٌ صالح يدعو له. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (9) من سورة التغابن.