حكم هجر الرجل فراش زوجته.وهجر المرأة فراش زوجها
- النكاح والنفقات
- 2021-09-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1380) من المرسلين، م.ع. ع. ش والمرسلة أخت من العراق، يسألون عن الهجر المتبادل بين الزوجين، فتقول أختنا: زوجة هجرت فراش الزوج وأعلمها الزوج بخطورة هذا العمل ولم تستجب، واستمرت على ذلك فترة. فما رأيكم؟ وكيف تنصحونها؟
أما أخونا فيقول: ما حكم الشرع في الزوج الذي يهجر زوجته لمدة سنة أو ستة أشهر؛ حيث إن الإنسان يسافر للعمل ويكسب عيشه بالحلال؟
الجواب:
أما بالنسبة للهجر الذي يصدر من الزوجة على زوجها، فلا بدّ من معرفة الأسباب التي دفعت الزوجة إلى أنها تتصرف هذا التصرف، فقد تكون معاملة الزوجة معها معاملة غير شرعية، ومعاملته لزوجته معاملة غير شرعية لها وجوهٌ متعددة، منها ما يتعلق بالنفقة، ومنها ما يتعلق بالكسوة، ومنها ما يتعلق بالسكن، ومنها ما يتعلق بشخصيته هو، قد يكون عنده نقص من الجوانب الدينية، فكثير من الأشخاص لا يعرفون الزوجة إلا في أحوالٍ نادرة، فيترك البيت وقد لا يأتي إلى بيته إلا عند آذان الفجر، فالزوجة تتصرف هذا التصرف من أجل أن تُشعره بخطيئته من جهة، وبحاجتها إلى الحياة الزوجية من جهة أخرى. وقد يكون السبب راجعاً إلى سوء تعامله معها داخل المنزل، فبعض الرجال يستعمل الضرب، ويستعمل الأساليب التي تجعل الزوجة لا قيمة لها.
فالمقصود أنه إذا كان الهجر من الزوجة ناشئاً بسببٍ من ناحية الزوج، فعلى الزوج أن يُعالج هذا السبب، وبعد ذلك يسترضي زوجته، ولعل الله I أن يُيسر أمر الجميع.
أما إذا كان الهجر من الزوجة ناشئاً من سببٍ راجع إليها، ففي هذه الحال لا تكون الزوجة على حق؛ بل تكون آثمة؛ لأن بعض النساء قد تسلك مع زوجها مسلك التعسف؛ إما من ناحية أنها تطلب منه ما لا تضطر إليه وهو لا يستطيعه أيضاً، فبعض النساء تفرض على زوجها أن يشتري لها لباساً معيناً، أو مقداراً معيناً من الحُلي، أو أن يشتري لها سكناً معيناً تُحدد له المواصفات، وقد تصل قيمة هذا السكن إلى مبلغٍ كبيرٍ جداً، وقد تفرض عليه -أيضاً- الخروج من أمه وأبيه وهما لا يستغنيان عنه؛ إما من الناحية البدنية كالخدمة؛ أو من نواحٍ أخرى، وهي تريد أن تنفرد به حتى تتصرف في نفسه، وفي عقله، وفي ماله، وفي فكره، وفي وقته.
فالمهم أنه إذا كان السبب الهجراني من الزوجة لزوجها ناشئاً من جهتها هي وهي غير محقة في ذلك، فعليها أن تتقي الله في نفسها، وأن تعود إلى رشدها،" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"[1]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"[2].
ومما يحسن التنبيه عليه -هنا- أن الهجر إذا وقع من الزوجة على زوجها وهو هجر ليس على حقٍ، فهذا له تأثير سيئٌ على كلٍّ من الزوجين، وعلى أولادهما، وعلى الأشخاص الذين يرتبطون بكلّ منهما، فعلى كلّ منهما أن يتساعد مع الآخر، وعلى كلّ منهما أن يُغض مما في نفسه رجاءً أن يحصل الوئام على ما يرضي الله -جلّ وعلا-.
أما الهجر الذي جاء في السؤال الثاني، فليس هذا من الهجر الذي يكون فيه الإنسان آثماً؛ لأن الشخص السائل عبر عن معنى الهجر الذي أراده؛ لأنه يسافر فترة من الزمن لطلب الرزق، وهذا الرزق الذي يطلبه يريد أن ينفقه على نفسه وزوجته وأولاده. وإذا كان بهذه المثابة فليس هذا من باب الهجر الذي يكون فيه الإنسان آثماً؛ لكن ينبغي له أن يتفاهم مع زوجته، وأن يبيّن لها مدة سفره. وإذا كان سفره هذا لا بدّ منه فحينئذٍ ليس في ذلك شيء. أما إذا كانت الزوجة قد تسلك مسلك التعسف في كونها لا تريده أن يسافر مطلقاً، فيُرجع في ذلك إلى الحاكم الشرعي إن لم يحصل وفاقٌ بينهما. وبالله التوفيق.
المذيع: بالنسبة للنساء اللاتي يتعسفن بأزواجهن فضيلة الشيخ، هل لكم من نصيحة؟ ولا سيما أن الرجل تحت ذلك الضغط قد يلجأ إلى الزواج!
الشيخ: أنا نبّهت على هذه الجوانب في الجزء الأول من الجواب الذي يخص الزوجة؛ وكذلك في الجزء الثاني الذي يخص الزوج.
ومن أهم المشاكل التي تكون موجودةً في هذا المجال هو أن قليل من الناس الذي يعترف بخطئه للجانب الآخر، فالزوجة -دائماً- تدّعي أنها مغلوبة ومظلومة؛ بينما قد تكون هي الظالمة، ونفس الشيء بالنسبة للزوج قد يدّعي هذا؛ ولكن في واقع الأمر يكون هو مصدر للظلم، فعلى كلّ من الزوجين أن يكون واقعياً من جهة، وأن يكون منصفاً من جهة أخرى، وأن يكون مُمتثلاً لشرع الله -جلّ وعلا- من جهةٍ ثالثة، وأن يكون مُتغاضياً عن بعض الأمور؛ لأن الكمال لا يحصل لا بالنسبة للزوج ولا بالنسبة للزوجة. وبالله التوفيق.