معنى حديث: « لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي »
- شرح الأحاديث
- 2022-03-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (12036) من المرسل السابق، يقول: هذا اللفظ هل هو حديث: « لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي »؟ أرجو من فضيلتكم شرحه.
الجواب:
هذا الحديث صحيح؛ أما بالنظر إلى معناه، فإن هذا يدل على أمرين أساسيين:
أما الأمر الأول: فهو القرين الذي يرتبط به الشخص.
وأما الأمر الثاني: فهو المال الذي ينفقه الشخص.
أما بالنظر إلى الأول: الرسول ﷺ بيّن هذا الأمر في عدة أحاديث، منها:
قول ﷺ: « المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخلل ».
وقال ﷺ: « مثل الجليس الصالح والجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تجد منه ريح طيبة وإما أن تبتاع منه، ونافخ الكير إما أن تجد منه رائحة كريهة وإما أن يحرق ثيابك ».
وهذا بالنظر إلى الآثار الحسنة لبائع المسك، والآثار السيئة لبائع الكير التي تحصل للشخص عند المقاربة.
وبناء على ذلك فالشخص يختار الشخص الذي يريد أن يقترن به؛ لأن الناس أربعة أصناف:
الصنف الأول: نفعي؛ بمعنى: إنه يحسن إليك ولا يطلب منك أن تحسن إليه، وأيضاً يكف أذاه عنك ويتحمل ما يأتيه من أذى منك، وهذا هو الصديق الذي يصلح.
والصنف الثاني: انتفاعي يسلب أموالك ويستغل جاهك، ولا يمكن أن تنتفع منه ولا بمثقال خردلة.
والصنف الثالث: نفعي انتفاعي؛ بمعنى: إنه يعطيك ما يساوي عشرة ريالات؛ ولكن يأخذ بدلاً منها ما يساوي عشرين أو ثلاثين ريالاً أو مائة ريال؛ بمعنى: إنه يستعمل ما يعطيك لتليين طبيعتك وميولك إليه، ثم يستغلك من جهة المال، أو من جهة الجاه، أو غير ذلك.
والصنف الرابع: لا ينفع ولا ينتفع؛ يعني: قصر أموره على نفسه، فلا يبحث على انتفاع من أحد ولا يريد أن ينفع أحداً.
وبناء على ذلك: فإنك تأخذ بالصنف الأول.
أما بالنظر إلى قوله ﷺ: « ولا يأكل طعامك إلا تقي » فهذا يرجع إلى إنفاق المال؛ لأن الإنسان قد يكسب المال من وجه حرام وينفقه في وجه حرام وهو آثم في إنفاقه وفي كسبه.
وقد يكسبه من وجه حلال ولكنه ينفقه في وجه حرام، فيكون مأجوراً في كسبه وآثماً في إنفاقه.
وقد يكسبه من وجه حرام ولكن يتخلص منه وينفقه في وجه حلال، فهذا مأزور في كسبه؛ أما بالنظر إلى كونه مأجوراً فهذا يرجع إلى نيته، وهذا بمنزلة الشخص الذي يخرج من الأرض المغصوبة.
وإما أن يكسب المال من وجه حلال وينفقه في وجه حلال. ومن وجوه إنفاقه في الحلال كونك تحرص على أهل الدين وأهل الصلاح الذين ينتفعون من مالك؛ سواء كان الذي ينتفعون به قليلاً أو كثيراً، فتكون مأجوراً على كسبه ومأجوراً على إنفاقه. وبالله التوفيق.