Loader
منذ سنتين

حديث « المرء مع من أحب » هل ينطبق حتى مع صاحب السوء الذي له رفاق سوء؟


الفتوى رقم (9662) من المرسلة السابقة، تقول: في حديث « المرء مع من أحب »  هل هذا ينطبق حتى مع صاحب السوء الذي له رفاق سوء؟

الجواب:

        هذه المسألة ترجع إلى اقتران الإنسان بغيره، والرسول ﷺ ضرب مثلاً للجليس الصالح والجليس السوء، فضرب مثلاً للجليس الصالح بالشخص الذي يجلس عند بائع المسك فقال: « إما أن يحذيك، وإما أن تجد منه رائحةٌ طيبة ». وضرب مثلاً لجليس السوء بنافخ الكير فقال: « إما أن يحرق ثوبك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة ». وهكذا الجليس الصالح هذا تجد أنه ما يأتيك منه إلا خير، والجليس السوء لا يأتيك منه إلا ما يسوؤك في عقلك وفي نفسك وفي عرضك وفي مالك. والرسول ﷺ قال: « المرء بخليله فلينظر أحدكم من يخالل »، فالشخص إذا أراد أن يصاحب شخصاً فلينظر هذا الشخص هل سيأتيه منه نفع فقط؟ أو سيأتيه منه ضررٌ فقط؟ أو سيأتيه ضررٌ ونفع؟ وإذا كان يأتيه ضررٌ ونفع فلينظر أيهما أكثر، هل النفع هو الأكثر، أم الضرر هو الأكثر، أم الضرر والنفع متساويان؟ فإذا كان يأتيه نفعٌ أكثر، أو كان يأتيه نفعٌ محض فلا مانع من صحبته، وإذا كان يأتيه ضررٌ محض، أو ضررٌ أكثر من النفع، أو ضررٌ مساوٍ للنفع فعليه أن يجتنبه، وإذا صحبه في حالة أنه يأتيه منه نفعٌ كثير؛ ولكن يوجد شيءٌ من الضرر عليه أن يعالجه وأن يناصحه في هذا الضرر وذلك من أجل إزالته.

        ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس لا يفكر في هذا الأمر، ولهذا تجد الآن الكثير من الشباب يضيع بعضهم بعضا فيقترن الشاب الصالح بشابٍ طالح؛ يعني: رديء وهذا الرديء يجر الصالح، وبعد فترة من الزمن بعد سنة سنتين ثلاث سنين مثلاً تتكشف الأمور لهذا الصالح بأنه مشى على غير هدى.

        ومن ناحية أخرى وهي مهمة أن أولياء أمور الشباب يتركونهم؛ يخرج الولد من البيت لا يدري أبوه لماذا خرج؟ ولمن خرج؟ وما المدة التي سيقضيها في هذا الخروج؟ ومتى يرجع؟

        تجد أن الولد في البيت أشبه بالبهيمة التي فُتح لها الباب، فالباب مفتوح متى شاء الولد أن يخرج يخرج، ومتى شاء أن يرجع يرجع، ولا يُسأل عن المدة التي غابها عن البيت، لا يسأل عن المدة أين ذهب؟ ومع من ذهب؟ ولأي شيءٍ ذهب؟ يعني: لا يحاسبه وليه مع أن الرسول ﷺ قال: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها، والعبد راعٍ في مال سيده ومسؤولٌ عن رعيته، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ».

        فالواجب على الآباء وكذلك على الأمهات مراقبة الأولاد في دخولهم وفي خروجهم، وأين يذهبون، ومع من يذهبون، ولأي غرض يذهبون ولا يتركونه وبخاصةٍ الخروج في الليل. وبالله التوفيق.