نساء مسنات يجتمعن ويغتبن ونصحتهن ولم يستجبن
- فتاوى
- 2021-07-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5750) من المرسلة السابقة، تقول: إذا كان هناك نساء مسنّات وهن قرابة لي، وإذا جلسن لا يذكرن الله وإنما يذكرن الغيبة وقد نهيتهن عن ذلك؛ ولكنهن لا يصدقنني ولا يستجبن لي، فما واجبي نحوهن؟
الجواب:
أولاً: إن الله -جلّ وعلا- حرّم الغيبة في قوله-تعالى-: "وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا"[1]، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"[2]، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"[3].
فالغيبة هي أن تتحدث عن أخيك بما فيه أو بما ليس فيه، فإذا كان ما فيه يكون هذا صدقاً لكنه غيبة، وإذا كان ليس فيه فيكون كذباً وبهتاناً وغيبة أيضاً فلا يجوز للإنسان أن يستعمل ذلك، ولهذا قال -تعالى-: "أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"[4]، فكما أنك تكره أكل لحم أخيك إذا كان ميتاً فعليك أن تكره الكلام فيه، وهكذا بالنظر للنميمة. والنميمة هي القالة بين الناس، وذلك أن يسمع شخصٌ كلاماً في شخصٍ من شخص ثم يأتي إلى المتكَّلم فيه ويقول له: إن فلاناً قال فيك كذا وكذا، فيسمع منه رد هذا الكلام، وبعد ذلك ينقل كلامه إلى المتكلم الأول، يأتي إليه ويقول: إن فلاناً يقول فيك كذا وكذا. ولا يدري أحدهما أنه ينقل كلامه، فهذا يورث العداوة والبغضاء فيما بين الناس، فلا يجوز للإنسان ابتداءً أن يفعله.
وإذا سمع أحداً يقول هذا الشيء من باب الغيبة أو باب النميمة فعليه أن ينصحه لعموم قوله ﷺ: « الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم »، فأنت تحرص أن تنصحه. وإذا نصحته وتبين لك أنه لا يقبل النصيحة فإنك تجتنب مجالسته؛ لقول الله -جلّ وعلا-: "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ"[5]، فهذا المجلس الذي يكون فيه الحديث عن الغيبة أو النميمة هو داخل في عموم ما تقدم.
والشخص لا يكون في نفسه حرج من جهة القبول؛ لأن صاحب العلم مأمورٌ ببيان الدلالة والإرشاد، فهداية الدلالة والإرشاد هذه جعلها الله -جلّ وعلا- بيد من شاء من عباده الرسل والأنبياء؛ وكذلك أهل العلم فعليهم هداية الدلالة والإرشاد؛ أما هداية التوفيق والإلهام كون الشخص يقبل هذه النصيحة فهذا راجعٌ إلى الله -تعالى-، وفي هذا يقول الله -تعالى- لنبيه ﷺ وهو أشرف الخلق، يقول له: "إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ"[6]، ويقول له: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"[7] فإذا عمل الإنسان ما استطاعه فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. وبالله التوفيق.