Loader
منذ سنتين

معنى حديث: « بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم » وهل يدخل تحقير المعلم لتلميذه؟


الفتوى رقم (11272) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: يقول الرسول ﷺ: « بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم » ما معنى الحديث؟ وهل يدخل في هذا تحقير المعلم لتلميذه؟ وما العمل إذا سخر المعلم من تلميذه لدرجة تمنعهم من سؤاله؟ وإذا كانت الأسئلة تحتاج إلى ضبط وتحرير قبل إلقائها فمن يسأل الجاهل؟

الجواب:

        هذا السؤال يتعلق بالعلاقة بين الناس، ولذلك الرسول ﷺ قال: « بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه »[1] وقال: « كلّ المسلم على المسلم حرام... » [2].

        والشخص تكون له نظرة لنفسه، وتكون له نظرة إلى غيره. والرسول ﷺ قال: « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ». كثير من الناس نظرته إلى غيره نظرة تنقيص واحتقار؛ سواء كان ذلك من جهة العقل، أو من جهة الفهم، أو من جهة الحفظ، أو من جهة المال، أو من جهة النسب؛ كما قال رسول الله ﷺ: « أربع من أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الطعن في الأنساب، والفخر بالأحساب... ».

        « اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت ». والله -سبحانه وتعالى- يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[3]

        فالواجب على المسلم أن يتعامل مع الناس كما يحب أن يتعاملوا معه. كان رسول الله ﷺ في مجلس فمر رجل على النبي ﷺ يوما فسأل النبي ﷺ أصحابه: « ما تقولون في هذا؟ »، فقالوا: رجل من فقراء المسلمين، هذا والله حرى إن خطب ألا يزوّج، وإن شفع ألا يشفّع. ثم مر رجل آخر من الأشراف، فقال: « ما تقولون في هذا؟» قالوا: رجل من أشراف القوم، هذا والله حرى إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفّع. فأشار النبي ﷺ على الرجل الفقير الأول فقال: « والله هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا ».

        ومعنى ذلك أن وزن الناس عند الله يختلف عن وزن الإنسان في هذه الأرض، فالميزان في هذه الأرض يختلف عن وزن الإنسان عند الله، ولهذا لا يجوز لشخص أن يقلل من شأن شخص آخر. إن رأى أنه على طريق سليم يدعو الله بالزيادة، وإن رآه على طريق غير سليم فإنه ينصحه يبين له أن هذا الطريق غير صحيح؛ هذا من جانب.

        ومن جانب آخر أن بعض الناس قد يفتري على غيره، ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء في هذا، فعلى الإنسان أن يتنبه إلى أن ما يصدر منه من أقوال أو أفعال فيها ضرر على الآخرين. إنها مكتوبة عليه، وسيحاسب عليها يوم القيامة؛ فإذا كان ظالماً لذلك الشخص فإنه سُيقتص منه. وطريق الاقتصاص أنه يؤخذ من حسنات الظالم وتضاف إلى المظلوم، فإذا فنيت يؤخذ من سيئات المظلوم وتوضع على الظالم.

        فعلى الإنسان أن يتنبه، وقد سئل الإمام أحمد: سأله رجل فقال يا أبا عبدالله كيف أسلم من الناس؟ قال: أحسن إليهم ولا تطلب منهم أن يحسنوا إليك وتحمل إساءتهم ولا تسيء إليهم ولعلك تسلم. وبالله التوفيق



[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله (4/1986)، رقم(2564).

[2] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله (4/1986)، رقم(2564).

[3] من الآيات (11-13) من سورة الحجرات.