هل العمرة تجزيء عن الحج إذا تكرر ثلاث مرات؟ و حكم حرمان الزوج زوجنه من الحج
- الزكاة
- 2021-09-10
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1503) من المرسل، م. ع. ج. من جدة – معهد البريد الثانوي، يقول: هل تُجزِئُ العمرة إذا تكررت ثلاث مرات عن الحج؟ ذلك أمر سمعته من والدي، وحرَم أمي من تأدية فريضة الحج، ولم يتكفّل بذلك.
الجواب:
شرع الله -جلّ وعلا- الحج على أنه نُسك مستقل، وهو ركن من أركان الإسلام، يجب على المكلف الذي توفرت فيه شروط الوجوب مع الاستطاعة.
وشرع الله العمرة نُسكاً مستقلاً، وأوجب الحج بعد توفر شروطه مرةً في العمر، وأوجب العمرة كذلك، وكلٌ من الحج والعمرة عبادة.
ومن القواعد المقررة في باب العبادات أنها مبينة على التوقيف، ولا ترجِع إلى نظر المكلف.
وبناءً على ذلك يبقى المكلف على فريضة الحج مستقلة، وعلى وجوب العمرة على أنها مستقلة. ونيابة العمرة على الحج هذا يحتاج إلى دليل من الذي فرض الحج وأوجب العمرة، ولم يَرِد دليل يدل على أن الشخص إذا اعتمر مرة، مرتين، ثلاث مرات، أربع مرات أنها تقوم مقام حج الفرض، ولهذا كانت إجابة أبيك من باب الجهل المركّب لا من باب الجهل البسيط؛ لأن الشخص إذا سأل عن مسألة من مسائل العلم، فقال: لا أدري، فهذا جهله جهل بسيط؛ لأنه يدري أنه لا يدري وقد أجاب بذلك.
وإذا سُئِل أو تبرع بنفسه كتبرع أبيك وأجاب بجوابٍ ليس بصحيح من الناحية الشرعية، فهذا جهله جهل مركّب، فهو مركب من كونه لا يدري، ومن كونه لا يدري أنه لا يدري؛ هذا الجهل البسيط.
أما كونه لا يدري أنه لا يدري، فحينئذٍ تحقق في أبيك أنه جاهل جهلاً مركّباً، وعليه أن يتقي الله في نفسه، وأن يتوب من ذلك، وألا يعود إلى مثله، وأن يترك أمك تقوم بفريضة الحج؛ لأنه مع الأسف وبالمناسبة أن كثيراً من الزوجات في أسئلتهن عن طريق الهاتف يشتكين أزواجهن من جهة أنهم يمنعونهن من السفر إلى حج الفريضة أو إلى العمرة الواجبة، ولا تطلب الزوجة من زوجها أن يسافر معها، ولا تطلب منه مالاً تُنفقه في الحج ولا في العمرة؛ بل هي ستحُج مع أهلها، أو سيحُج بها ولدها؛ لأن بعض الأزواج يستمر في منع زوجته حتى تبلغ الخمسين من العمر وهذا وقع، فتستأذنه في أن تحج مع ولدها منه، والمال من الولد؛ ولكن لا يسمح لها، وهذا اعتداء على حق الله -جلّ وعلا-؛ لأن فريضة الحج حق من حقوق الله، ووجوب العمرة حق من حقوق الله، ولا يجوز للرجل أن يتعسّف في هذا المجال، يمنع زوجته من قيامها بحق الله -جلّ وعلا- من حج أو من عمرة؛ أضف إلى هذا أن بعض الرجال يمنع زوجته من قضاء رمضان، يُدرِكها رمضان الآخر وهو يقوم بمنعها من القضاء؛ فالحاصل أنه يجب على الرجال أن يتقوا الله في جميع أمورهم، ومن ذلك ما يتعلق بأمر النساء؛ وبخاصةٍ ما يتعلق في مسألة حقوق الله -جلّ وعلا- من حج ومن عمرة ومن صيام. وبالله التوفيق.
المذيع: لعله من المناسب شيخ عبد الله أن نسأل لو تكرمتم عن نفقة الحج أو العمرة، هل هي واجبة على الزوج؟ أم تجب من ناحية العِشرة أو تجوز؟
الشيخ: الناس يتصرفون مع نسائهم على أربعة وجوه:
الوجه الأول: أناسٌ يتصرفون مع نسائهم على سبيل التفريط، ويُقصد بالتفريط هنا أنهم يقصّرون في الحقوق الواجبة عليهم لنسائهم من كسوة ونفقة وسُكنى؛ وهكذا الأمور التي يستطيعها الشخص، فتجده يقصّر تقصيراً واضحاً يأثم فيه.
والوجه الثاني: من يتصرف مع زوجته على سبيل الإفراط؛ يعني: يزيد في الصرف عليها إلى درجة التبذير، وهذا قد يكون له أسباب؛ ولكن إذا وصل إلى هذه الدرجة فينبغي للإنسان أن يتنبّه لنفسه، وأن يُوظِّف ماله الزائد في وظيفة يؤجر عليها بدلاً من أن يُوظِّفه في وظيفة يأثم عليها.
الوجه الثالث: من يتصرف مع زوجته على سنن العدل؛ حيث يقوم بالأمور الواجبة عليه فقط من نفقة وكسوة وسُكنى، ومن غير ذلك من الحقوق، وهذا هو الواجب على الإنسان؛ ولكن لا يدخل في هذا القسم ما يتعلق بنفقة الحج أو بنفقة العمرة؛ إلا أن بعض الفقهاء ذكر أن نفقتها واجبة عليه في الحضر، فيُعطيها من النفقة في سفر الحج ما يساوي نفقتها إذا كانت حاضرةً عنده. فإذا فرضنا أنه يُنفق عليها إذا أقامت عنده ينفق عليها ألف ريال في الزمن الذي تقضيه في الحج، فإنه يُعطيها هذا المبلغ؛ لأن نفقتها واجبة عليه سواءٌ سافرت أم بقيت، والزائد تنفقه هي، أو ينفقه وليها عليه، وبهذا يتبين لو أن الحج يُكلف عشرين ألف، لا نقول للزوج يجب عليك أنك تسلّم هذا المبلغ؛ وكذلك بالنسبة للعمرة.
الوجه الرابع: وهو في الحقيقة هو محل السؤال من يتصرف مع زوجته، ويكون تصرفه مبيناً على قاعدة مكارم الأخلاق ومحاسن العادات؛ لأن من الناس من تكون صفاته فيها فضل؛ يعني: تتعدى صفاته من الواجب إلى المسنون، أو تتعدى من الشيء الذي يلزمه إلى شيءٍ يتكرم به، فإذا تكرم على زوجته بالقيام بنفقة الحج، أو بالقيام بنفقة العمرة، أو بالقيام بعلاجها إذا كانت مريضة ونحو ذلك من الطوارئ التي تطرأ؛ فهذا من باب مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، وهذا سيكون له أثر نفسي من جهته ومن جهتها هي؛ وكذلك من جهة أولادها إذا كان له أولاد منها أو من غيرها؛ فإن هذا سينشأ عنه أثر عكسي ومردود طيب على الزوج من الأولاد؛ وكذلك بالنسبة لأسرتها عندما يسمعون أن زوجها قام بهذه المهمة، فقد يكون عند بعضهم من مكارم الأخلاق ما يقدُم خدمة لزوجها من أجل أن يبين له أنه ممن يستحق المكافآت على هذا الصنيع الجيد؛ أضف إلى ذلك أنه يُؤجر على هذا العمل بالنسبة لله -جلّ وعلا-، فهو محمود عند الله، ومحمود عند الناس. وبالله التوفيق.